يُعد جامع السُّلطان قابوس الأكبر في ولاية بوشر بمحافظة مسقط منارة إيمانية وأيقونة معمارية وصرحًا دينيًّا ومركزًا ثقافيًّا يُعزّز الحوار بين الأديان ويُبرز قيم الإسلام السمحة والتسامح والوئام الإنساني، كما يُعد معلمًا بارزًا وواجهة حضارية مميزة في سلطنة عُمان.
اُفتتح الجامع في العاشر من صفر 1422هـ الموافق الرابع من مايو 2001م، بعد أكثر من ست سنوات من العمل المتواصل، حيث تمّ بناؤه بأوامر من السُّلطان قابوس بن سعيد /طيّب الله ثراه/ ليكون من أبرز المعالم المعمارية في سلطنة عُمان، وقد بُني على مساحة تبلغ 416 ألف متر مربع على الطراز المعماري الإسلامي الأصيل وبالطابع العُماني، مع مراعاة أحدث التصاميم والمواصفات المعمارية الحديثة.
التخطيط العام وسعة الجامع
شُيّد الجامع على أرضية متسّعة ومرتفعة عن سطح الموقع بمقدار 1.8 متر، التزامًا بالمبدأ العُماني التقليدي في رفع عمارة المساجد عن مستوى المباني السكنية والعامة وعن مستوى الأودية والأراضي المجاورة، بما يمنح المسجد حضورًا وهيبة في المشهد العمراني.
صُمم المصلى الرئيس ليتّسع لأكثر من 6500 مصلٍ، بينما تبلغ سعة مصلى النساء 750 مصلية، مع إمكانية احتواء الصحن الخارجي لـ8 آلاف مصلٍّ، بالإضافة إلى الصحن الداخلي والأروقة، لتصل السعة الإجمالية للجامع إلى نحو 20 ألف مصلٍّ. ويضم الجامع خمس مآذن ترمز إلى أركان الإسلام الخمسة في دلالة رمزية ومعمارية بديعة.
الثريات الكبرى في قاعة المصلى
يحتوي المصلى الرئيس على 36 ثريا تختلف أحجامها، وتتوسطها الثريا المركزية الشهيرة التي تُعد من أكبر الثريات في العالم؛ إذ يبلغ ارتفاعها 14 مترًا، وقد سُجّلت في موسوعة جينيس العالمية للأرقام القياسية. تزن هذه الثريا نحو 8 أطنان، وتشتمل على 1122 مصباحًا، وقد صُنعت في ألمانيا من كريستال "سواروفسكي" المستورد من النمسا، بينما طُليت معادنها بالذهب، مما يمنحها لمعانًا وجمالًا استثنائيًا.
السجادة العملاقة في المصلى الرئيس
تُعد سجادة الجامع من ضمن أكبر السجاد في العالم المفروشة من قطعة واحدة داخل قاعة الصلاة الرئيسة؛ إذ تبلغ أبعادها أكثر من 60 × 70 مترًا، وتغطي مساحة قدرها 4263 مترًا مربعًا، ومؤلفة من نحو 1700 مليون عقدة، ويبلغ وزنها حوالي 21 طنًّا.
نُسجت السجادة يدويًّا في مدينة نيشابور بالجمهورية الإسلامية الإيرانية بمشاركة 600 امرأة وبإشراف خبراء متخصصين في تصميم ونسج السجاد، واستغرق إنجازها أربع سنوات. وتتألف السجادة من 58 قطعة تم تجميعها بدقة عالية، واستخدم في نسجها 28 لونًا بدرجات متفاوتة، صُنعت غالبيتها من الأصباغ النباتية الطبيعية، مما يمنحها تدرجات لونية دافئة ومتناسقة.
الزخارف والرخام والخشب في المصلى
اُستخدم في تصميم المصلى الرئيس خشب الساج المستورد من بورما لتشكيل مجموعة غنية من الزخارف الإسلامية والنقوش المحفورة على سقوف وأبواب المصلى، ويعلو كل باب وجدار آيات من القرآن الكريم بخط الثلث بأسلوب فني متقن.
أما جدران قاعة المصلى الرئيس، فهي مكسوّة بالكامل من الداخل برخام "البيانكوبي" الأبيض و"البارديليو" الرمادي الغامق، وتتألف من خانات مؤطرة بأقواس صمّاء، تشكّل كل منها جدارية من خزف القيشاني مشغولة بزخارف مورقة بنمط هندسي متكامل. وتضم هذه الخانات فتحات تهوية تساعد على تنقية وتلطيف الهواء داخل المصلى، كما تُستخدم لتطييب المكان برائحة اللبان العُماني.
وتتضمن الخانات أيضًا عددًا من المصاحف ذات اللونين الأحمر والأسود، وذلك للتمييز بين المصاحف المجزّأة وأجزاء القرآن، وبين المصحف الكامل.
الأروقة ومواضِئ الوضوء
تُشكّل الأروقة الشمالية والجنوبية في الجامع أماكن واسعة للوضوء، ويمتد كل رواق منها على مسافة داخلية طولها 221 مترًا. وعلى امتداد الرواق الجنوبي وامتداده الخلفي، تتوزع أربع مواضِئ مربعة الشكل ترتبط بأفنية مستقلة جذابة، تتوسطها نافورات مائية تقع تحت قباب مثمنة مطعمة بألواح خشبية، ينفذ من خلالها الضوء الطبيعي بطريقة هندسية جميلة.
توزّع على امتداد الجدران المرمرية لهذه المواضِئ صنابير مياه تعمل بجهاز آلي حساس، وتسع هذه المواضئ لنحو 365 شخصًا في الوقت نفسه. وتمتد الصنابير أمام مساطب مرمرية للجلوس أثناء الوضوء، بينما تسقف فضاءات الأروقة سلسلة من القباب الهندسية المستلهمة من قباب مسجد بلاد بني بو علي التاريخي.
مكتبة الجامع ومركز المعلومات الإسلامية
تُعد مكتبة جامع السُّلطان قابوس الأكبر أحد أهم مرافقه الثقافية والعلمية، إذ تجمع في أركانها شتى المعارف في المجالات الإسلامية والإنسانية، وهي مكتبة عامة ومرجع مهم للطلبة والباحثين داخل سلطنة عُمان وخارجها. تضم المكتبة أكثر من 30 ألف كتاب في مختلف العلوم، وتحتوي على غرف للمطالعة، وتغطي مساحة إجمالية تقدّر بـ97 مترًا مربعًا، بالإضافة إلى توفير الأجهزة السمعية والبصرية وأجهزة الحاسوب لروّادها.
أما مركز المعلومات الإسلامية (مركز التعريف بالإسلام) فيعمل على الردّ على الاستفسارات المتعلقة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، كما يُعنى بتدريب المسلمين الجدد وتعريفهم بأحكام الدين المختلفة مثل الطهارة والوضوء والصلاة والصوم والحج وغيرها من العبادات، في إطار من الرحمة والتسامح والوسطية.
الحدائق وتصميم البستنة
رُسمت هندسة البستنة في حديقة جامع السُّلطان قابوس الأكبر بدقة وعناية كبيرة؛ حيث اختيرت نباتات الزينة لتشكّل عنصرًا جماليًّا مليئًا بالألوان الجذّابة. وقد صُممت الحديقة من الناحية الشرقية مع امتداد التشجير إلى الجنوب، في تشبيه واضح لتصميم الحدائق الإسلامية التي تجمع بين جمال الطبيعة وروحانية المكان، مما يجعل زيارة الجامع تجربة إيمانية وبصرية في آن واحد.
رأي الطالب: عن جامع السُّلطان قابوس الأكبر
يمثّل جامع السُّلطان قابوس الأكبر صرحًا دينيًّا وثقافيًّا وحضاريًّا متكاملًا؛ فهو بيت للّه، ومركز للعلم، ومنارة للتسامح والحوار بين الأديان، وأيقونة معمارية عالمية تعكس أصالة العمارة الإسلامية وروح الهوية العُمانية. وقد أصبح هذا الجامع أحد أهم المعالم التي يفخر بها العُمانيون، ووجهة بارزة لكل من يرغب في التعرف على عُمان وتاريخها وحضارتها وقيمها الإنسانية النبيلة.
روابط ذات علاقة
- موضوع تعبير عن المرأة ودورها في المجتمع
- موضوع تعبير عن البيئة وأهميتها في حياة الإنسان
- كتب التربية الإسلامية للصفوف من 5 إلى 9 – سلطنة عمان
- تقرير عن متحف عمان عبر الزمان


0 تعليقات
أهلا بك في موقع عُمان التعليمية - نرحب بنشر تعليقاتك البناءة و مساهماتك الطيبة - دائما نستمع بإهتمام لطلباتكم وآرائكم .. بالتوفيق